العصر الطباشيري المتأخر: التعريف وأهم الأحداث
يعد العصر الطباشيري المتأخر أحد الفترات الزمنية البارزة في تاريخ الأرض، ويشكل الجزء الأخير من الحقبة الطباشيرية التي امتدت من حوالي 145 إلى 66 مليون سنة. هذا العصر يشهد تغيرات جغرافية وجيولوجية هائلة، وتطورات بيئية مهمة، بالإضافة إلى ظهور وانقراض العديد من الأنواع الحيوانية والنباتية. في هذا المقال، سنتناول تعريف العصر الطباشيري المتأخر، ما هي أبرز الأحداث التي حدثت فيه، وتأثيراتها على كوكب الأرض.
التعريف بالعصر الطباشيري المتأخر
العصر الطباشيري المتأخر هو الفترة الأخيرة من العصر الطباشيري، وهو العصر الذي يأتي بعد العصر الجوراسي ويتميز بظهور ديناصورات ضخمة وحياة نباتية متنوعة، كما كان يمثل مرحلة تحولات مناخية وجيولوجية كبيرة. يمتد هذا العصر تقريباً من 100 مليون سنة إلى 66 مليون سنة مضت، وهو ينتهي بانقراض جماعي ضخم، يعرف باسم “انقراض العصر الطباشيري”، الذي أدى إلى اختفاء العديد من الأنواع الحية بما في ذلك الديناصورات.
الجيولوجيا والمناخ في العصر الطباشيري المتأخر
في العصر الطباشيري المتأخر، كان كوكب الأرض يشهد العديد من التغيرات الجيولوجية الكبيرة. كان القارات تتباعد بشكل تدريجي، وكان المحيط الأطلسي يتوسع بسبب قوى التكتونيات الأرضية. وعلى الرغم من أن القارات كانت لا تزال متباعدة بشكل أقل من اليوم، إلا أن الأرض كانت تشهد بداية انفصال القارات الكبرى مثل أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية، وأفريقيا، وآسيا، وأستراليا.
من ناحية أخرى، كان مناخ الأرض في هذا العصر دافئًا بشكل عام، مع انخفاضات ملحوظة في درجات الحرارة على نحو دوري، وكان الجو يحتوي على مستويات مرتفعة من ثاني أكسيد الكربون، ما ساعد في استمرار نمو الحياة النباتية الكثيفة. كما كانت النباتات المستنبتة تزداد تنوعًا، مع انتشار الغابات الكثيفة في معظم أنحاء الكوكب.
الحياة الحيوانية والنباتية في العصر الطباشيري المتأخر
العصر الطباشيري المتأخر كان مسرحًا لتنوع كبير في الحياة الحيوانية، خصوصًا بالنسبة للديناصورات. شهدت هذه الفترة ظهور العديد من الأنواع الضخمة من الديناصورات، مثل ديناصورات تيرانوصور والهورنولوجيا والكويلورات. كما برزت الديناصورات الطائرة، مثل الطيور الأولى التي ظهرت في تلك الفترة، بالإضافة إلى الزواحف البحرية العملاقة مثل التيرانوصور والميزوصور.
الحياة البحرية: شهدت المحيطات في العصر الطباشيري المتأخر أيضًا تغيرات بيئية كبيرة. كانت الحياة البحرية تزدهر بوجود كائنات بحرية ضخمة مثل الأسماك، والرخويات، والحبَّار العملاق، والعوالق البحرية التي كانت تشكل أساسًا للشبكة الغذائية البحرية.
الحياة البرية: أما على سطح الأرض، فقد كان العصر الطباشيري المتأخر مليئًا بالنباتات المتنوعة، من الأشجار الصنوبرية إلى النباتات المزهرة التي بدأت في الانتشار. هذه النباتات كانت توفر الغذاء والموائل لكائنات برية متنوعة، مما ساهم في استمرار النمو الحيواني. كانت الغابات الكثيفة توفر بيئة مواتية لعيش الديناصورات بأنواعها المتعددة.
انقراض العصر الطباشيري: أحد أبرز أحداث العصر الطباشيري المتأخر
انقراض العصر الطباشيري هو أحد أعظم الأحداث الجيولوجية التي شهدتها الأرض. في نهاية العصر الطباشيري المتأخر، وقع حدث انقراض جماعي، والذي أدى إلى اختفاء حوالي 75% من الحياة على الأرض. يشمل هذا الحدث انقراض جميع الديناصورات غير الطائرة، بالإضافة إلى العديد من الأنواع البحرية والحيوانات البرية. يُعتقد أن هذا الحدث كان نتيجة مجموعة من العوامل التي تداخلت مع بعضها البعض:
-
الاصطدام الكويكبي: أحد العوامل الرئيسية في انقراض العصر الطباشيري المتأخر كان اصطدام كويكب ضخم بالأرض في المنطقة التي هي اليوم شبه جزيرة يوكاتان في المكسيك. هذا الاصطدام أدى إلى انفجارات ضخمة، وأسفر عن تكون فوهة تشيكشولوب التي تسببت في تغيرات مناخية هائلة بسبب الدخان والغبار الذي انتشر في الغلاف الجوي.
-
النشاط البركاني: بالإضافة إلى الاصطدام الكويكبي، كان هناك نشاط بركاني مكثف في بعض المناطق، مثل مناطق السهول الطفيلية في سيبيريا. هذا النشاط البركاني أدى إلى إطلاق كميات ضخمة من الغازات السامة مثل ثاني أكسيد الكبريت وثاني أكسيد الكربون، مما تسبب في تبريد الأرض في البداية ثم تسببت تلك الغازات في تأثيرات دفيئة أودت بالتوازن البيئي.
-
تغيرات المناخ: كانت هذه العوامل كلها تساهم في تغيرات مناخية كبيرة في آخر أيام العصر الطباشيري، ما أدى إلى تقلبات في درجات الحرارة ومستويات الأوكسجين، مما جعل البيئة غير ملائمة للكثير من الأنواع التي كانت تعيش في ذلك الوقت.
الآثار البيئية لهذا الانقراض
انقراض العصر الطباشيري المتأخر كان له تأثير عميق على بيئة الأرض وعلى تطور الحياة بعدها. انقرضت أنواع كبيرة من الكائنات البحرية مثل الأموها، والتي كانت حيوانات بحرية ضخمة ومهمة في السلسلة الغذائية البحرية. أما في اليابسة، فقد اختفت الديناصورات التي كانت هي المهيمنة على النظام البيئي.
مع انقراض هذه الأنواع، بدأت الحياة على الأرض في التغير بشكل جذري. سمح الانقراض للبشر بأنواع جديدة من الحيوانات والنباتات بالتطور، مما مهّد الطريق لظهور الثدييات في فترات لاحقة. وبالفعل، فإن هذا الحدث يعتبر نقطة تحول حاسمة في تاريخ الأرض، حيث أعطى الحياة الفرصة للبشر للتطور والنمو.
خاتمة
إن العصر الطباشيري المتأخر يعد مرحلة مهمة في تاريخ الأرض من حيث التغيرات البيئية والجغرافية التي شهدها. كان هذا العصر يتميز بتنوع الحياة الحيوانية والنباتية، مع ظهور ديناصورات عملاقة، ولكن هذا العصر انتهى بشكل مفاجئ نتيجة لمجموعة من العوامل الطبيعية التي تسببت في انقراض العديد من الأنواع الحية. إن هذا الانقراض الجماعي قد شكل بداية لعصر جديد، حيث ظهرت الثدييات وأخذت الأشكال الحية الأخرى في الظهور تدريجيا، ليؤدي ذلك إلى تشكيل بيئات الحياة على الأرض كما نعرفها اليوم.
